صاحب سلسلة "الحضارة المفقودة": الفراعنة توصلوا لوسائل حديثة للإنارة أشبه بالكهرباء!

حوار: نورهان عماد

قبل نحو ثلات سنوات، ظهرت أول حلقة في سلسلة مكونة من 14 حلقة على اليوتيوب، اسمها “الحضارة المفقودة”، تقدم هذه السلسلة تصورات مختلفة تماماً عن أسرار الحضارة المصرية القديمة، وعن عمرها الحقيقي ومستوى التكنولوجيا والعلوم التي توافرت لأهلها.. صاحب السلسلة هو المهندس أحمد عدلي، وهو في الأساس مهندس كهرباء ونظم تحكم، شغفته الآثار والحضارة المصرية، حيث استغل معارفه العلمية عن الطاقة في طرح نظريات جديدة تماما حول حضارة سابقة صنعها المصريون الأوئل أجداد الفراعنة أنفسهم.. هؤلاء الأجداد الأوائل هم من بنوا الأهرامات والمعابد والمسلَّات والتماثيل وسراديب السرابيوم.. عدلي يعيش في ألمانيا، حيث مقر عمله، لكن ما طرحه من أفكار أثار فضولنا للحديث معه، فكان هذا الحوار:

في البداية .. ما حقيقة الحضارة المصرية المفقودة التي تحدثت عنها في السلسلة؟

الفكرة المحورية هي أن هناك حقبة غير مؤرخة، تعود لعصر ما قبل الأسرات، وقد أشارت بعض البرديات والكتابات والقديمة إلى ذلك صراحة، فمثلا بردية “تورين” تكلمت عن فترة باسم “شيميسو – حر” أتباع حورس، وأرخت لفترتهم بـ 13 ألف سنة، هذا بخلاف صف الملوك المحطم على حجر باليرمو قبل الأسرات، وملوك الأسرات بدأوا من الصف الثاني للحجر، إذن فمن ملوك الصف الأول؟.. وصلنا إلى 7 ملوك ذكروا بأسمائهم، ووصلنا من خلال هذا الحجر أيضاً إلى مجموعة مكونة من 23 ملكا منهم ملوك بالتاجين قبل الملك “مينا نارمر” بفترة طويل جدا، لكن أسمائهم محطمة للأسف على هذا الحجر، وذكر هنري بريستد مثلا أن هناك نحو 120 ملكا سابقين قبل عصر الأسرات، فلو كل ملك حكم 20 سنة فعلى الأقل سيكون لدينا 2400 سنة من العصور المجهولة.

ما حكاية هجرة سكان وادي النيل ثم عودتهم مرة أخرى؟ وهل انقطعت ذرية الفراعنة ولماذا انتهت حضارتهم؟

هجرة سكان وادي النيل حدثت منذ أزمان قديمة جدا، هنا لا نتحدث عن عصر الأسرات (الفراعنة)، بل عن عصور قبلها، فهناك دراسة منشورة من مجموعة من الجامعات، منها جامعة القاهرة وجينيف سنة 2021، تقول “إن سكان وادي النيل قد هاجروا بأعداد كبيرة  بعيدا عن النهر في الفترة ما بين 8500  ق.م ثم عادوا للوادي مرة أخرى في عام 5300 ق.م، ولم تكن أسباب هذه الهجرة معروفة” ، والأسباب مرجح أنها تكون فيضانات وأمطار شديدة وعواصف مدمرة، سببت اضطرابات في وادي النيل، وأدت إلى موت الكثيرين، فضلاً عن هجرة آخرين إلى الجبال والصحراء، وبعد استقرار الوادي عاد النازحون مرة أخرى إلى الوادي وبدأت مرحلة جديدة من الحضارة.

ذكرت أن الأهرامات كان الهدف منها توليد الطاقة قبل 12 ألف سنة في هذه الضارة المفقودة .. ما حقيقة ذلك وكيف خرجت بهذه النظرية وهل هناك شواهد تدل عليها؟

هي ليست فكرتي، لكنها فكرة مهندس كريستوفر دن، وصدرت في كتاب له في أواخر التسعينات، وأجد ما كتبه مقنعاً في تلك المسألة فليس من المعقول أن تتم تلك الأبنية العملاقة التي تستغرق وقتاً ومجهوداً طويلاً فقط لتكون مدفناً لشخص واحد، كما أنه لم يتم العثور على المومياوات الأصلية للملوك في جميع أهرام مصر المكتشفة حتى الآن، ولا مانع أن تكون بعض تلك الأهرامات قد استعملت لاحقا في الدفن، وشواهد تلك الفكرة أنا قدمتها في السلسلة، مثل القياسات التي حدثت حول غرفة الملك خوفو وهي قياسات صوتية ودلت إلى اهتزازها عند حوالي تردد 30 هرتز، والتحليلات الكيميائية في غرفة الملكة، التي عرفنا منها تركيب الرواسب على الجدران، كما تم إدخال روبوتات في عدة مشاريع إلى فتحات غرفة الملكة، عرفنا بها معلومات أكثر عن الهرم الأكبر، لكن ما زالت هناك دراسات أخرى تتم في الهرم من مؤسسات وجامعات مختلفة، ربما تكشف عن مزيد من المعلومات. 

نقوش دندرة التي تحدثت عنها في السلسلة وذكرت أنها تبدو وكأنها مصباح زجاجي .. هل هي كذلك أم مجرد نقش عقائدي؟

نقش دندرة مُحير بالفعل لأنه شديد الشبه بأنبوب كروكس.. وأنبوب كروكس هو من ابتكار الإنجليزي سير “ويليام كروكس” وكان الهدف الرئيسي منه هو دراسة الأشعة السالبة (الكاثود).. ووجدت صورة على الإنترنت لنموذج مضيء لمصباح دندرة.. ووجود نموذج من الممكن أن يكون دليلا قويا على أن النقش ليس عقائدياً لكنه شيئاً واقعاً ملموساً.. هذا النموذج موجود في مؤسسة باسم  “يونج فراو بارك” وهي مؤسسة تثقيفية، وفي عام 2017 توفرت لي فرصة لزيارتها وقلت في نفسي أنها فرصة لمشاهدة النموذج على الطبيعة.. وفي القسم المصري وجدت نموذجاً لنقش دندرة بالفعل مقاماً ومضيئاً، وحوله أوعية فخارية كبيرة على اعتبار أن فيها مادة كيميائية تساعد في عملية التشغيل لكني لما اقتربت منها، وجدت الجهاز مفبركا.. أي أنها فقط مجموعة من اللمبات المتصلة بفيشة كهربية، ولا يوجد أي آلية مختلفة للعمل.. وبهذا فهي ليست نموذجا يُعتد به، وظني حتى الآن أن نقش دندرة هو نقش عقائدي حتى يثبت العكس.

ما طبيعة المصادر العلمية التي ترجع إليها لإعداد المحتوى الذي تقدمه؟

أعتمد على جميع المصادر المتاحة، سواء المصادر العربية أو الأجنبية، القديمة أو الحديثة، علاوة على النصوص التي كتبها المصريون القدماء أنفسهم، والقواميس اللغوية.

ما نوع التكنولوجيا المفقودة التي تم ابتكارها واستخدامها في هذه الحضارة المصرية غير المعروفة؟

الفكرة ببساطة تقول أن القدماء المصريين استعملوا وسائل وأدوات مختلفة عما نعتقد، فالأدوات التي يتم عرضها في المتاحف مثل الأزاميل النحاسية، أو الشواكيش الخشبية والحجرية لا تكفي وحدها لعمل ما نراه اليوم في مصر من أهرامات ومسلات وتماثيل شديدة الضخامة والاتقان، يجب أن يكون هناك وسائل أخرى توصلوا إليها، غير أننا لا نعرف بالضبط ما هي تلك الوسائل، إلا أننا نرى آثارها بوضوح في الآثار، فالبديهي أن يكونوا استعملوا تقينات أخرى مختلفة.

الإعجاز الهندسي في العمارة الفرعونية.. كيف توصل الفراعنة لهذه العلوم المتقدمة؟

معناها الوصول لمستوى راقِ وعالِ في الهندسة المعمارية، لدرجة أنها تجعل من يراها منبهراً من دقة التنفيذ، فالمسلات مثلاً، منحوتة من قطعة واحدة من الحجر، وشديدة الاستقامة والاتزان، لدرجة أنها تعتمد فقط على الاتزان الحر، والمعابد مبنية فوق أعمدة بأقطار ضخمة، وأعداد كثيفة، ومغطاة بالنقوش والألوان، والهرم الأكبر يتجه ناحية الشمال الحقيقي بنسبة خطأ أقل من 1 على 20 من الدرجة، ولا شك أن القدماء المصريين توصلوا لتلك العلوم وطوروها بأنفسهم حتى توصلوا إلى أبنية وإنشاءات تُحير العقول.

ما أحدث النظريات التي تتحدث عن بناء الأهرامات؟

كل عدة سنوات تظهر فكرة جديدة، آخر تلك الأفكار هي لمهندس معماري فرنسي اسمه جين- بييرهودين بوضع فكرة وجود ممر داخلي بشكل دائري داخل الهرم لسحب الأحجار عليه، لكن هذه الطريقة لم تٌجرب كذلك،  وحتى الآن لا يوجد من يستطيع الإجابة عن سؤال، كيف بُنيت الأهرامات ؟ .. ما زلنا نحاول الإجابة، لكن كل الأفكار والأطروحات مثل المنحدر والروافع الخشبية والسحب والجر، لم تنجح في الإجابة عن معظم النقاط الجدلية، فهناك أحجار تصل إلى 70 طن قطعت من محاجر أسوان، على بعد مئات الأميال، ورفعت على ارتفاع 40 متر داخل الهرم، والهرم نفسه يحوي على أكثر من 2 مليون حجر، وبعضها بأوزان تصل إلى 15 طنا، كما أن ممرات الهرم طويلة وضيقة محفورة في صخر الهضبة، مما يصب المهمة على البنائين، وكأنهم أرادوا أن يختلقوا لأنفسهم المشاكل أثناء البناء، فكل الآراء حاليا مع تقديري لها لم تحل المشكلة.

ما أحدث النظريات التي تتحدث عن بناء الأهرامات؟

لا أعلم إن كانوا عرفوا الكهرباء بشكلها الحالي الذي نعرفه حاليا، لكنهم لا شك توصلوا لمصادر إنارة بخلاف النار والشمس، وخاصة في مقابر وادي الملوك، وأنفاق الأهرامات التي يمتد بعضها لمئات الأمتار، وسيكون الحفر في تلك الممرات شاق جدا مع وجود مشاعل نارية، ربما يؤدي إلى اختناق العمال، أضف إلى ذلك مئات الأعمال الفنية الملونة والمرسومة داخل المقابر، فالإنارة قد حدثت وتم ابتكارها، وهي مكتوبة ومنقوشة على بعض المسلات، لكن الوسيلة والكيفية غير معروفة.