لماذا سميت مصر القديمة بـ "كيميت"!

الأرض الخصبة سر التسمية.. وإيجبت جاءت من اسم معبد شهير في منف

تقرير: هاجر عامر - تقى أحمد

تغير اسم مصر على مدار التاريخ عدة مرات.. وكان اسم “كيميت” هو أول اسم يطلقه المصريون القدماء على وطنهم وكان يعني الأرض السوداء .. لكن هذا الاسم تطور عدة مرات، حتى ظهر اسم إيجيبت.. فكيف حدث هذا التطور؟ وما دلالات الاسم في مختلف العصور؟ 

يقول الدكتور بسام الشماع، المؤرخ والباحث في علم المصريات، إنه تم استخدام عدد من الأسماء لمصر عبر العصور القديمة، وفي البداية كانت كلمة “كيم” ثم بعد ذلك أصبحت “كيميت”، وكلمة “كيم” تعني “السوداء” و “تا” تعني الأرض، فأصبحت كيميت بمعنى الأرض السوداء وهي تعني الأرض الخصبة وهو الشريط الضيق من وادي النيل والذي كان يزرعه المصري القديم منذ بداية معرفته للزراعة، أما الصحراء فسميت بـ “الحمراء” وباللغة المصرية القديمة اسمها “فيشيرت” أي الأرض الحمراء لكي يستطيعوا أن يفرقوا بينها وبين الأرض السمراء أو السوداء، لكن الأرض السوداء لم تكن تعني الأرض الخصبة فقط، لأنه في بعض الأحيان الأرض الخصبة يكون لونها بني ويوجد تسمية أخري وهي tawy أو “تا وي” وهي مكونة من  مقطعين: “تا” وتعني “أرض” و “وي” وتعني “مثنى” وهنا معناها “الأرضان” وهنا كانت الإشارة إلى الجنوب والشمال ويعني الصعيد والدلتا ويوجد تسميه أخرى وهي  idbwy أو “إضبوي” وهي كلمة هيروغليفية وتعني الضفتين وهما الضفة الشرقية والغربية لنهر النيل ويوجد تسميه أخرى وهي “تا محو” وتعني أرض الشمال، وهذه إشارة إلى الدلتا وهناك “تا شيميعو” وهي تعني أرض الجنوب، ويوجد تسمية أخرى وهي “تا مري” وهي تشير إلى الأرض الخصبة، وعندما دخل اليونان أصبح لها تسميه أخرى وهي “حيد كا بتاح”، وهو الاسم الذي تم تحريفه إلى إيجيبتوس ومنه جاءت كلمة إيجيبت.

وأضاف الشماع أن “حيد ما إيتاح” اسم معبد شهير وأشهر معابد المعبود إيتاح في منف وهي مكان في الجيزة بمركز البدرشين، وقد نشأ في الدولة الحديثة، وأطلال وبقايا هذا المكان موجودة حتى الآن ومعنى “حيد”  مقر و “ما” قرين  و”إيتاح” يعني المعبود إيتاح. فالمصري القديم استخدم اسم المعبد في أهم وأقدم عاصمة من عواصم توحيد القطرين وهي منف، وهذا المعبد المخصص للمعبود بيتاح أطلق الاسم على مصر بأكملها، وهذا شئ ليس غريب بأن يتم إطلاق الجزء على الكل والجزء هو المعبد والكل هي مصر، وكان هناك شاعر شهير اسمه هوميورس كتب ملحمة شهيرة هي أوديسا في القرن التاسع قبل الميلاد تقريبا، وهذا الشاعر اليوناني أطلق على مصر اسم “اي جوبتس” وكان يقصد مصر وأن له علاقة ب “حيد كا بيتاح” وكان عند اليونانيين مشكلة في نطق حرف الحاء في بداية ونهاية الكلمة فقاموا باستبدال الكاف بحرف الچيم والابدالات قائمة في اللغات القديمة والحديثة وبدلا من أن يقولوا “حيد كا بيتاح” قالوا “إي جوبتس”، واللغات الأوروبية الحديثة أخذت من النطق اليوناني “إي جوبتس”، ومن هنا جاءت كلمة إيجيبت، وأصبحت مصر بلدا إسلامية يعيش فيها المسلم والمسيحي، وعندما فتح المسلمون مصر، وجد العرب صعوبة في نطق “إي جوبتس” فقاموا بتحويلها إلى “إي كوبتي” ثم أصبحت شديدة الشبه واطلق على المواطن في ذلك الوقت قبطي، وان كان قد استخدمها البعض للإشارة إلى المسيحيين وللتمييز بين مسيحي مصر ومسيحيي البلاد الأخرى.

والاسم أتى في اللغات الشرق الأدنى القديم بحروفه الساكنة من أول القرن ال ١٤ قبل الميلاد باللغات الآشورية، والبابلية، والفينيقية، والعربية القديمة ذكرته كما هو وحتى في العبرية ومسميات مصر هي : مصر، مصور ، مصرو ، مصرايم إلى آخره.

ويؤكد حمزة أن أي حضارة تنتقل من مراحل ضعف إلى مراحل قوة، ومن مراحل ازدهار إلى مراحل انهيار، وأيضاً من مراحل رخاء إلى مراحل فقر. والحضارة المصرية ظلت كما هي على الرغم من أن الحاكم لم يكن مصرياً ولكنها امتزجت بالحضارة اليونانية والحضارة الشرقية، ولم يتم إلغاء الشخصية المصرية أو الهوية القومية بدليل أن كل المعابد ظلت موجودة كما هي، كما مارس المصري القديم طقوس حياته اليومية بصورة طبيعية.