عقود طويلة من التنقيب ولا يزال البحث جارياً.. أشهر 5 مومياوات لم يتم العثور عليها

تحقيق: هاجر عامر

رغم اكتشاف العديد من مقابر الملوك والملكات في تاريخ مصر الفرعوني إلا أن أكثر الشخصيات شهرةً وغموضاً لم يتم الكشف عن مقابرهم حتى الآن، فلايزال البحث جارياً عن مومياوات نفرتيتي وإخناتون وكليوباترا والإسكندر المقدوني والملك خوفو وغيرهم، وربما يحمل المستقبل مفاجآت ستغير مجري التاريخ بمجرد العثور على مقابر هذه الشخصيات التي كان لها تأثير كبير في حياة المصريين القدماء.. وهو ما يدفعنا للتساؤل حول أسباب إخفاء الفراعنة لهؤلاء الملوك بهذا الشكل المريب وهل هناك دلائل أثرية تشير لأماكن تواجد مقابرهم المجهولة.. التفاصيل في التحقيق التالي:

الجميلة اختفت

في البداية يقول الدكتور عمر زكي، الخبير الأثري، إنه لا توجد دلائل أثرية تؤكد وجود المومياوات المفقودة في مناطق معينة، خاصة إذا تحدثنا عن الملكة نفرتيتي المعروفة دائماً بجمالها، فهي زوجة الملك إخناتون، الذي جاء بالتوحيد، وتحدى الكهنة وقلب الأفكار القديمة رأسا على عقب، وقد ولدت نفرتيتي ونشأت في مصر العليا، وتحديداً في مدينة طيبة، ثم انتقلت مع زوجها إخناتون في العام 2049 ق.م إلى تل العمارنة، وهي مدينة جديدة أقاموها بعيداً عن أعين كهنة طيبة، وظلوا في هذه المدينة ما يقرب من 13 أو 14 سنة، ثم انتهت عبادة آتون أو إله التوحيد بانتهاء الملك إخناتون، حيث تم الهجوم على مدينة طيبة وتحطيمها، ولم يُعثر حتى الآن على مقبرة نفرتيتي، فهل عادت وتوفيت ودفنت في البر الغربي بالأقصر، أم ذهبت برفقة إخناتون إلى مكان غير معلوم، وهو ما يؤكد صعوبة العثور على مقبرة الملكة نفرتيتي حتى الآن.

أما الدكتور عماد مهدي، عضوٍ اتحاد الأثريين العرب، فيقول إن من أسباب عدم العثور على مومياء نفرتيتي هو وجود صراع دينى وسياسى بين الملك إخناتون وأسرته وبين كبار كهنة آمون، وأحيانا كانت تتم تصفية الحسابات والصراعات فى صورة الانتقام سواء بتحطيم التماثيل وتشويه الآثار، أو بمحو اسم الشخص من النصوص، وكذالك كانت تتعرض حرمة المقابر لأعمال انتقامية مثل تحطيم المومياوات والتمثيل بها، لذالك حرص الملك إخناتون على إخفاء قبر زوجته بعيداً عن انتقام كهنة آمون منه ومن أفراد أسرته، والمتوقع أن يكون قبرها فى مأمن فى مدينة “أخت أتون” أو تل العمارنة، كما أثبتت الدراسات وتحليل البصمة الوراثية الذى أجري عام ٢٠١٠ أن المومياء المجهولة فى المقبرة رقم ٥٥ تخص الملك إخناتون، ولكن الملكة مازل قبرها مجهولا حتى الآن، لكن هناك آمال عريضة للعثور عليها قريباً وفقاً لما يتم الإعلان عنه.

مصرع كليوباترا

ومن ناحية أخرى، تعتبر الملكة كليوبترا من أكثر الألغاز غموضا في تاريخ مصر، والتي حيرت علماء الآثار على مدار عقود طويلة من البحث بسبب عدم العثور على مقبرتها حتى الآن، حيث يقول الدكتور بسام الشماع، الخبير والباحث في علم المصريات، إن مصرع كليوبترا واختفاءها بعد نهاية حكمها يشكلان لغزاً كبيراً، فهل قُتلت بالسم كما تقول الروايات أم تم قلتها بطريقة أخرى، ورغم مكانتها العظيمة إلا أنه لم يتم العثور على مقبرتها حتى الآن، ولا يعتقد أن جسمانها مازال موجوداً، بل يعتقد بعض الباحثين أن الرومان تخلصوا من جثتها أو أنهم قاموا بتدمير جسمانها  بشكل ما، ولكن لا يوجد نص يؤكد ذلك، لكن أعتقد أن الرومان وهم العدو الأول للملكة كليوبترا السابعة ووالدها اليوناني كانوا أشد فتكاً بخصومهم، لكن المصريين كانوا يكرمون موتاهم، ورغم ذلك لا يوجد أي نص يدل على بقاء كليوباترا، فالرومانيون لم يريدوا أن تكون لكليوباترا مومياء أو أن يتم تكريم جسدها على عادة المصريين وقتها، لكن الاعتقاد الثاني يرى أن كليوبترا كان لها محبون، وأن الرومان لم يريدوا أن تكون لكليوباترا مقبرة ويكون لها رسومات على الجدران ونصوص مصرية قديمة، وأن ذلك يجعل ذكرى كليوبترا باقية ويجعلها قوية بعد الممات، ولهذا اتجه الرومان لتحطيم أي ذكرى ممكن أن تبقى لكليوبترا.

وصية الإسكندر

ومن المومياوات التي لم يتم العثور عليها وتعتبر لغزا لم نعرفه حتى الآن، مومياء الإسكندر المقدوني، ففي بحث قدمته باحثة الآثار زينب أحمد السقلي، يشير إلى احتمالية وجود مقبرة الإسكندر الأكبر في الإسكندرية، وذلك بعد حملة بطليموس الأول إلى منف أولاً حيث تم دفن الإسكندر هناك في بادئ الأمر ثم تم نقله بعد ذلك إلى مدينة الإسكندرية ليدفن بها، وذلك على الرغم من رغبة الإسكندر في أن يتم دفنه في معبد أبيه الإله أمون في سيوة، إلا أن هناك بعض الآراء التي تفسر عدم امتثال بطليموس لتنفيذ تلك الوصية، فقد كان يرى أن “منف” الواقعة جنوب محافظة الجيزة الآن عاصمة مصر بينما كانت الإسكندرية لا تزال تحت الإنشاء في هذا العصر، ومما لا شك فيه أن يكون من الأفضل والأكثر أمانا أن يتم دفن جثمان الإسكندر في العاصمة حيث يوجد بطليموس، وبالتالي سيكون الجثمان تحت رعايته المباشرة، وهذا ما  سيسهم بلا شك  في حماية قبر هذا القائد العظيم من السرقة والنهب أو التعرض لأي سوء له خاصة إذا وضعنا في الاعتبار أن هذا القبر يمثل تحفة فنية من الذهب الخالص، ولكن قام بطليموس باستبدال هذا التابوت بتابوت آخر مصنوع بالزجاج، وربما يكون ذلك من أجل إخفاء معالم مقبرة الإسكندر وحمايتها، وهذا يعني أن مكان المقبرة كان معروفا ومحددا، ولكن هذا الأمر لم يدم طويلاً، فقد شهدت الإسكندرية وخاصة المربع الملكي حيث توجد مقبرة الإسكندر الأكبر والملوك البطالمة تاريخاً طويلاً من الدمار مما أدى إلى أن مكان مقبرة الإسكندر الأكبر أصبح مجهولاً مع الوقت.

وتشير الوقائع التاريخية إلى أن الإسكندر المقدوني توفى في سن الثلاثين، وقيل إنه توفي في بابل وظل العلماء يختلفون إذا كان قُتل أو مات متأثرا بالحمى، ولم نعرف مكان دفنه فمنهم من يقول إن الاسكندر دفن في سيوة لأنه كان يحب المعبد الذي كان في سيوة ومنهم من يقول إنه دفن في الإسكندرية، وهناك من يقول أيضًا أنه دفن في بابل في العراق، وجرت العادة في العصور القديمة أن يتم نبش القبور وسرقة محتوياتها، فالملك خوفو حتى الآن لم يتم العثور على مقبرته ومن المفترض أن الهرم هو مقبرته، وإنه دفن داخل الهرم، لكن من المحتمل أن يكون قد تم العبث بالمومياء الخاصة به، أو تم إخفاؤها في مكان آخر، والملوك في عصر الدولة الوسطى أقاموا ممرات  داخل وأسفل الهرم خوفاً من اللصوص وعندما انتهت فكرة الهرم أتت فكرة المقابر وبالتالي تعرضت الكثير من المقابر للسرقة والتحطيم.