"بالصور": تزن 100 طن من الجرانيت.. توابيت السرابيوم اللغز الذي حير علماء المصريات!

كتبت: نرمين إبراهيم – هاجر عامر

يحظى معبد السرابيوم بمنطقة سقارة بأهمية أثرية خاصة، حيث لايزال يحتفظ داخله بأسرار غامضة حول الطريقة التي تم تشييد هذا المعبد بها في باطن الأرض، وحجم التوابيت الهائلة التي تزن نحو 100 طن داخل هذا المعبد، وكيف تم نقلها ووضعها في هذه السراديب العجيبة، حيث إنه من المعروف تاريخياً أن سرابيوم سقارة هو مقبرة مصرية قديمة كانت مكرسة للثور المقدس “أبيس”، حيث تقع شمال هرم زوسر، وقد تم تحنيط هذا الثور، كما تم دفنه في هذا المكان بعد أن كان مكرساً للاحتفالات والقرابين في معبده.. وقد تم فتح السرابيوم للزيارة في السنوات الأخيرة، ويُقبل عليها السائحون من كل مكان.. ولهذا قررنا أن نصحبكم في جولة تاريخية في هذا الموقع الذي يعود لعصر الأسرة الثامنة عشر. 

يقول محمد فتحي، الباحث الأثري في علم المصريات،  شغلت الملكة حتشبسوت أهم ملكة فرعونية في تاريخ مصر القديمة اهتمام علماء المصريات، وأضفت حياتها الغامضة، ونهايتها الملتبسة على هذا الانشغال بعداً أسطورياً فراحوا ينقبون في شذرات ونصوص، وتماثيل محطمة عن اسمها الذي جرى محوه، وآثارها التي شوهت عن عمد.. لكن مع ذلك ظلت «حتشبسوت» التي استوعبت طبقات الأسطورة الفرعونية بمثابة اللغز، وظلت فترة انفرادها بحكم مصر، واحتواؤها المعارضة القوية التي ناهضتها أمراً فضائحياً يستحق طمسه إلى الأبد. فالملكة حتشبسوت هى الابنة الكبرى لفرعون مصر الملك تحوتمس الأول وأمها الملكة أحمس وكان أبوها الملك قد أنجب ابنا غير شرعى هو تحتمس الثانى وقد قبلت الزواج منه على عادة الأسر الملكية ليشاركا معا في الحكم بعد موته، وذلك حلا لمشكلة وجود وريث شرعى له.

الحقيقة أنه لا أحد يعرف أي إجابة قاطعة حول هذه الأسئلة، هذا ما أكده لنا عمرو الحضري، المفتش الأثري بمنطقة سقارة، حيث يقول إن منطقة سقارة من المناطق الغنية بالآثار، حيث تضم معالم من الدولة القديمة والدولة الوسطى والدولة الحديثة، كما تضم بقايا أثرية خاصة بالرومان والأقباط، وفيها تنوع كبير، ومن أهم معالمها الأثرية، معبد السرابيوم والذي تم إنشاؤه للعجل “أبيس”، وهو موقع غير متكرر في منطقة سقارة، والتي يوجد بها مقابر على شكل أهرامات ومقابر للأفراد على شكل آبار وعلى شكل مبانِ أثرية، أما معبد السرابيوم فهو مقبرة فريدة من نوعها لأنه محفور تحت الأرض ويضم تنوعاً رهيباً وكبيراً جداً من الحداثة المعمارية والإتقان في الحفر، كما أن حجم التوابيت الموجودة داخل معبد السرابيوم حيث يزن التابوت الواحد منها نحو 100 طن لاتزال تثير الدهشة، فكيف حمل المصريون القدماء هذه التوابيت ونقلوها إلى هذا المكان، مع العلم أن هذه التوابيت الذي يبلغ عددها 26 تابوتا تم نحتها من الجرانيت الأسود، والجرانيت الأحمر، والبازلت، والشست، والكوارتز، ويحتاج التابوت الواحد أكثر من 500 رجل لنقله وتحريكه، وأكبر تابوت توجد عليه أعداد وأرقام، حيث وصلت إلى رقم المليون. 

ويضيف الحضري أن معبد السرابيوم تم إنشاؤه خصيصاً للعجل أبيس، وكان معبوداً من المعبودات المصرية القديمة في عصر الأسرات، والسرابيوم هو اسم يطلق على كل معبد أو هيكل ديني مخصص لعبادة إله الوحدانية “سيرابيس”، وهي عبادة مقدسة في مصر في العصر الهيلينستي “اليوناني”، وتجمع بين إلهين من آلهة مصر القديمة وهما أوزوريس وأبيس، والهدف منها جعل المواطنين ذوي الأصول الإغريقية والآخرين من ذوي الأصول المصرية أن يشتركوا في عبادة الإله الحامي الذي يجمع بين صفات الإلهين الإغريقيين “زيوس وهاديس” مع صفات الإلهين المصريين “أوزوريس وأبيس”. وقد تم اكتشاف معبد السرابيرم على يد “أوجوست مارييت” الفرنسي عام 1848 ، فهو الذي قام بالتنقيب عن الجزء الاكبر من مجمع زوسر.

ويؤكد الحضري أنه ما يُشاع حول علاقة السرابيوم بسجن سيدنا يوسف ليس صحيحاً على الإطلاق، حيث تم إنشاء السرابيوم في عصر الدولة الحديثة، بينما كان سيدنا يوسف موجوداً في فترة العصر الفرعوني القديم، ولكن البعض ربطوا قصة سيدنا يوسف في القرآن بهذا المكان نظراً للآية الكريمة التي تقول: “وغلّقت الأبواب وقالت هيت لك” حيث يفترضون أن الممرات والأبواب المذكورة في الآية هي نفسها الأبواب الموجودة في السرابيوم، ويرون أن السرابيوم في حد ذاته كان مجرد سجن، على أساس أن السجن مكان كبير ومستطيل ويقع تحت الأرض، ولكن السرابيوم قصة مختلفة تماماً ويقع في فترة زمنية أحدث بكثير من فترة سيدنا يوسف عليه السلام، لكنه في حد ذاته يعد أحد المعالم الأثرية المتفردة، حيث يضم 400 ممر، وأنفاق قد تتجاوز الـ 400 متر تحت الأرض في هضبة سقارة.