لغز قرية قنتير.. هل وُلد سيدنا موسى فى هذا المكان؟

تقرير: حاتم محمود

هي واحدة من القرى المصرية الأكثر غرابة وغموضاً، حيث تعوم القرية على مدينة أثرية كاملة في باطن الأرض، يُقال أنها تعود لعصر سيدنا موسى عليه السلام، حيث تؤكد الكثير من الروايات المتوارثة والشواهد الأثرية العديدة أن نبي الله موسى ولد في هذا المكان، وأن بقايا قصر فرعون يقع تحت المنازل الريفية القديمة، أما البحر الذي ألقي فيه موسى فقد انحسرت ماؤه ولا يزال يحمل اسم “بحر مويس”.. أهلا بكم إذن في قرية “قنتير” التابعة لمركز فاقوس بمحافظة الشرقية، التي يرجع تاريخ الحياة فيها لأكثر من 3500 عام، حيث كانت هناك حياة في هذه القرية، وكانت هناك قصور وقلاع ضخمة لا تزال بقاياها متناثرة في قلب الأراضي الزراعية، في حين يعثر الأهالي باستمرار على لوحات أثرية مكتوبة تحمل رموزاً لا أحد يعرف معناها وجعارين صغيرة مبعثرة في الأرض.. فماذا عن قصة هذه القرية؟ وما حقيقة سيطرة اليهود عليها؟ 

بقايا أثرية

تقع القرية على بعد 10 كم شمال مدينة فاقوس، و38 كم من مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، حيث يعمل أغلب الأهالي في مجال الزراعة، وتبدو منازلهم بسيطة وريفية إلى حد كبير، كل ذلك يبدو طبيعيا، لكن عندما تقوم بزيارة القرية ستشعر أن الزمان سيعود بك إلى الوراء، حيث تتناثر البقايا الأثرية والأعمدة الضخمة بين المنازل ووسط الحقول الزراعية، ويؤكد الأهالي أن القرية تقوم على سراديب وأنفاق وخنادق أثرية وحجارة ضخمة تعود إلى العصر الفرعوني، وإن كثيرا من الأهالي عثروا على لوحات أثرية مرسوم عليها رموز عربية وهيروغليفية.

البيت الأبيض

لكن الأكثر غرابة هو ذلك “البيت الأبيض” الذي تقع فيه مقر البعثة الألمانية التي تعمل في القرية منذ ما يقرب من 45 عاما.. أما البيت الأبيض فهو عبارة عن فيلا على شاطىء الترعة الرئيسية فى أول القرية، صاحب البيت يعمل موجه تربية اجتماعية، وقد رفض الإفصاح عن اسمه لنا، كما تعامل معنا باحتياط شديد، لكنه ذكر لنا أن الباحث الأثري الألماني إدرجار بوش استأجر منه البيت الذى تقيم به البعثة لمواصلة عمليات التنقيب، قال لنا إن سيدنا موسى ولد فى قرية “تل الضبعة” وهى القرية التى تعمل بها الآن البعثة النمساوية، وأمام هذه القرية كان يوجد فرع من فروع النيل، وهذا الفرع هو الذى أُلقى فيه سيدنا موسى وهو رضيع، وهى يسمى البحر القديم أو بركة الديوان نسبة لديوان الملك رمسيس الثانى أو فرعون موسى، وهذه البركة تم ردمها عبر الزمن، ولم يتبقى منها إلى ما يسمى بالبحر القديم أو عبارة عن ترعة صغيرة، والمهم أن تابوت سيدنا موسى حملته المياه إلى قرية قنتير، حيث كان يسكن فرعون في قصره ومن هنا دارت القصة التي ذكرها القرآن الكريم، والبعثة الألمانية تعمل هنا منذ عام 1979 واستأجرت المنزل الذى تقيم به منذ ذلك التاريخ وتأتى البعثة كل سنة فترة قصيرة ثم تعود مرة أخرى إلى ألمانيا، ويوجد بهذا البيت مخازن للآثار وفى تل الضبع أيضا مخازن للآثار وفى أثناء الثورة هجم على المخازن بلطجية وسرقوا السلاح ولكن معظم القطع الأثرية هناك كبيرة وبالتالى يستحيل نقلها بسهولة. وهذا الرجل ليس يهوديا ويتعايش مع أهالى القرية كأنه واحد منا فيحضر الأفراح والمآتم ويتعاون مع أهالى القرية ويتضامن معهم فى كل شىء.

المتحف الألماني

ويضيف الشيخ عبدالرحمن أن ما يراه أهل القرية لم يقوموا ببيع أراضيهم لأغراب وإنما تقوم البعثة باستئجار الأرض للتنقيب فيها لمدة معينة وتعوض صاحبها، ويكون ذلك تحت إشراف مفتشى الآثار المصريين، أما تمثال رمسيس الذى كان مغموراً فى أرض القرية، فقد تم حمله من مكانه، ولكن لا نعلم أين ذهب .. وهناك متحف فى ألمانيا يسمى متحف “هالدز هايم” وهذه المتحف يضم جزاء خاصا بآثار قنتير وقد تم نقل هذه الآثار من القرية! وهؤلاء الألمان أخذوا من الآثار ما خف حمله وغلا ثمنه!

وتخضع قنتير لإشراف هيئة الآثار المصرية بمحافظة الشرقية، وقد أكدت في بيان سابق أن ما يُشاع عن القرية مجرد روايات وشواهد، لكن ما يخص تراث الأنبياء لايزال غير مؤكدا، ولا يمكن القطع به، حيث يُروى أن سيدنا موسي عليه السلام، ولد بقرية قنتير التابعة لمركز فاقوس، والتي تُعد واحدة من أقدم المناطق الأثرية التابعة للهيئة، وأن بحر “مويس” هو اليم الذي القي فيه سيدنا موسى، فهذه اجتهادات وآراء.

 

قصر الفرعون

والتقينا الشيخ عبدالرحمن محسب، أحد أكبر شيوخ القرية، ومن علماء الأزهر المعروفين، حيث قال لنا، أولا نحن فوجئنا بالصحف تكتب أن البعثة الألمانية اكتشفت قصر رمسيس الثانى تحت المنازل، وأنا فى ذلك الوقت كنت فى الدانمارك فتوجهت إلى ألمانيا، وتعجبت لأن الذى اكتشف قصر الفرعون كان الدكتور سليم حسن فى كتابه مصر القديمة، وذكر أن علماء الآثار المصريين اكتشفوا قصر الفرعون أسفل الجبانة الحديثة بالقرية وليست البعثة الألمانية، وللأسف الشديد هم يتحولون من باحثين في مجال الآثار إلى تجار للآثار، وهناك فتاة من القرية تعمل لدى البعثة قالوا لها أنها عندما تجد القطع الأثرية الصغيرة التى تسمى “الجعارين” يجب أن تسلمها للبعثة، وتقوم هذه البعثة بتهريب هذه الجعارين للخارج.

بحر مويس

ويضيف الشيخ عبدالرحمن أن البعثة تؤكد أن قصر الفرعون يقع أسفل المبانى فى القرية، لكن عالم المصريات الكبير الدكتور سليم حسن توصل إلى أن سيدنا موسى كان يعيش هنا، وكانت هناك 5 فروع قديمة للنيل ومنها “تانيس” وهذا المصرف الذى يقع أمام القرية كان فرعا من بحر “مويس”، وهي تصغير لكملة موسى، ويقال أنه ألقى فى هذه النهر، والدليل على هذا ما وجدوه من شواهد أثرية، وهى القصر الفرعونى الذي دلت عليه الأجهزة الحديثة، حيث أشارت هذه الأجهزة إلى أنه يضم جدرانا ذهبية وغرفا كاملة للنوم والمعيشة، فقد حددوا هذه المعالم بالكامل، ووجدوا أيضا الإسطبل الذى كانت تربى فيه خيول الملك، لكنهم أمروا بإغلاق هذا الملف مؤقتا خوفا على قيمة هذا المكان، ومن الأمور الأخرى أيضا أن البعثة هنا تقيم حفلا سنويا تدعو لها السفارات الأجنبية وأعيان المنطقة تحت إشراف الأجهزة الأمنية.