"بالصور":أوهام الثراء السريع وراء جرائم التنقيب عن الآثار

تحقيق: حبيبة إيهاب

التنقيب غير المشروع عن الآثار عالم مليء بالأساطير والألغاز والأسرار والكوارث والجرائم في وقت واحد.. حيث يستغل الدجالون والنصابون أحلام الثراء لدى البسطاء ليقنعونهم بالحفر خلسةً أسفل المنازل وفي المناور الخلفية للبيوت وفي الخرابات المهجورة.. في هذا العالم يجب أن تعرف حقيقة واحدة وهي أن كله “نصب في نصب”، والدليل أن بعثات الآثار المصرية أو الأجنبية بما تضمه من علماء وباحثين ودارسين تستطيع أن تفتح أي مقبرة دون اللجوء للدجل والشعوذة أو إزهاق روح طفل بناءً على طلب “الجن” المكلف بالحراسة وإنما بالعلم فقط.. عموماً نحن فقط أردنا أن نؤكد عليكم ذلك قبل أن تقرأوا معنا سطور التحقيق التالي:     

ضحايا الحفر

واحدة من الحوادث المرعبة للتنقيب عن الآثار، سقط خلالها 6 ضحايا من أسرة واحدة، وذلك في حفرة بقرية “العركي” بفرشوط، بمحافظة قنا، بينهم ربة منزل وشقيقيها وأبنائها الثلاثة، فبينما كان الأشقاء الثلاثة يحفرون للتنقيب عن الآثار داخل منزل جدهم من ناحية الأم، بالقرية الواقعة شمال قنا انهارت عليهم الحفرة، مما أسفر ذلك عن إصابتهم بحالة اختناق. ولم تتمالك والدتهم مريم، ما حدث لهم، فلقد انهارت عليهم الحفرة، وحاولت إنقاذهم من الموت حتى وصلت للحفرة ونزلت فيها لمد يد العون لأبنائها، ووسط مقاومات منها للبحث عنهم وإنقاذها أصيبت هي أيضا بحالة اختناق وسقطت داخل البئر برفقة شقيقيها اللذان كانا يحاولان إنقاذ ما يمكن انقاذه، إلا أنهم ماتوا جميعا بعد إصابتهم بحالات اختناق داخل البئر.

وتمكنت قوات الحماية المدنية بقنا، من انتشال 6 ضحايا في حادث انهيار الحفرة، حيث تم نقل الجثث إلى المستشفى، وتحرر محضر بالواقعة وأخطرت الجهات المختصة لتتولى التحقيقات، التي كلفت وحدة المباحث بالتحري حول الواقعة وكشف ملابساتها، والتي توصلت إلى أن السبب هو التنقيب عن الآثار.

وشهدت قرية الغرق بمركز إطسا بالفيوم حادثة مؤسفة أخرى، نتيجة  انهيار جزء من منزل في أثناء عمليات التنقيب عن الآثار،  حيث لقي 3 أشخاص مصرعهم، بعدما حفروا حفرة عميقة داخل المنزل، تسببت في انهيار أحد الجدران، وعلى الفور انتقلت قوة من الشرطة وسيارات الإسعاف، إلى مكان الحادث، وتبين أن المنزل كانت تتم به عملية تنقيب عن الآثار، وتم عمل حفرة عميقة بداخله، وانهارت فجأة، وتسببت في وفاة 3 من المتواجدين داخل المنزل، واصابة آخر وتم نقل الجثث والمصاب الي مستشفي اطسا المركزي، وتحرر محضر بالواقعة، واخطرت النيابة التي تولت التحقيق.

اللواء نور الدين

أبعاد خطيرة

ويقول الدكتور عبدالرحيم ريحان، الخبير الأثري، وعضو المجلس الأعلى للثقافة، بلجنة التاريخ والآثار، إن أعمال تهريب الآثار الناتجة عن الحفر خلسة، والتي زادت حدتها بعد يناير 2011، لها عدة أبعاد أثرية وقانونية ودينية واجتماعية ودولية، ففي حالة التنقيب غير الشرعي تكون الآثار المستخرجة غير مسجلة ولا تخضع لقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 والمعدل بالقانون رقم 3 لسنة 2010 والمعدل بالقانون رقم 91 لسنة 2018، وبالتالي تُعرض الآثار وتُباع في المزادات العلنية بالخارج، وتقوم الجهات القائمة على العرض والبيع بتزوير شهادات عن ملكية القطع، وتزور شهادات تصدير لها من دول أخرى غير دولة المصدر، وتقوم العصابات المتخصصة في تجارة الآثار باختلاق شهادات ميلاد وأصالة للقطع وهى مزيفة بالطبع وذلك نتيجة غياب الحماية الدولية للآثار.

زيادة الوعي

أصبحت تجارة الآثار أقوى من تجارة المخدرات نظرا للمردود المادي الكبير منها، مما يتسبب في إهدار جزء كبير من الآثار المصرية، ذلك بحسب قول المهندس ماجد الراهب، رئيس مجلس إدارة جمعية المحافظة على التراث المصري، ورئيس لجنة الآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، مؤكداً أن هذه الظاهرة أصبحت منتشرة في معظم المحافظات خاصة الأماكن التي تحتوي على آثار تحت الأرض، مشيراً إلى أنه يتم بيع هذه الآثار للسماسرة، ثم يتم بيعها لخارج البلاد بأسعار خرافية؛ لأنها غير مسجلة، ولذلك فإنه من الضروري زيادة وعي المواطنين بأهمية الآثار المصرية، والتاريخ المصري القديم، وأن الحفر خلسة هو جريمة، وأنه يجب تعليم الأجيال القادمة بشكل أفضل وتوعيتهم بأهمية الحضارة المصرية، وقيمة الآثار الموجودة في مصر، حيث إن ذلك يساعد بشكل كبير على القضاء على هذه الظاهرة؛ لأن الشعب يحتاج إدراك قيمة آثار بلده، كما يجب أن تقوم وزارة السياحة والآثار والجهات المعنية بتكثيف الجهود لتسجيل كل الآثار والأماكن التي تحتوي على آثار بالدولة، حيث إن تسجيل الآثار يحمي أكبر عدد منها، وهذا الأمر يحتاج إلى مجهود عظيم والكثير من الأموال، ولكن لابد من ذلك لحماية الآثار والتراث المصري العظيم.

 

عقوبات رادعة

ومن جانبه، يقول المحامي إيهاب الخولي، وكيل اللجنة التشريعة بمجلس النواب السابق، والمسئول عن تعديل قانون الآثار لتشديد عقوبات التنقيب غير الشرعي، إن المشرع المصري أراد أن يحافظ على تاريخ الأجداد في مختلف الحضارات السابقة لأنها جزء من التاريخ الإنساني، ولذك كان المشرع حريصاً على أن يُصدر عدداً من القوانين التي تحدد كيفية التعامل مع الآثار، وكان أهمها وأحدثها القانون ٩ لسنة ٢٠١٨، والذي ضم عقوبات رادعة، حيث نصت المادة (٤٠) على: مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقررها قانون العقوبات أو أى قانون آخر يعاقب على مخالفة أحكام هذا القانون بالعقوبات المبينة فى المواد التالية: مادة (٤١): يعاقب بالسجن المؤبد وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تزيد على عشرة ملايين جنيه كل من قام بتهريب أثر إلى خارج جمهورية مصر العربية مع علمه بذلك، ويحكم في هذه الحالة بمصادرة الأثر محل الجريمة والأجهزة والأدوات والآلات والسيارات المستخدمة فيها لصالح المجلس، ونصت المادة (٤٢) على: يعاقب بالسجن المؤبد وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تزيد على خمسة ملايين جنيه كل من سرق أثراً أو جزءاً من أثر سواء كان الأثر من الآثار المسجلة المملوكة للدولة، أو المعدة للتسجيل، أو المستخرجة من الحفائر الأثرية للوزارة، أو من أعمال البعثات والهيئات والجامعات المصرح لها بالتنقيب، وذلك بقصد التهريب.

وتكون العقوبة السجن المشدد لكل من قام بالحفر خلسة أو بإخفاء الأثر أو جزء منه بقصد التهريب، ويحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأثر والأجهزة والأدوات والآلات والسيارات المستخدمة في الجريمة لصالح المجلس. وتكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، ولا تزيد على سبع سنوات، وبغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه لكل من قام بأي من الأفعال الآتية:

١- هدم أو أتلف عمداً أثراً منقولاً أو ثابتاً أو شوهه أو غير معالمه أو فصل جزءاً منه عمداً.

٢- أجرى أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص، وفي هذه الحالة يتم التحفظ على موقع الحفر لحين قيام المجلس بإجراء أعمال الحفائر على نفقة الفاعل.

وتكون العقوبة في البندين السابقين السجن المشدد والغرامة التي لا تقل عن مليون جنيه ولا تزيد على مليوني جنيه، إذا كان الفاعل من العاملين بالوزارة أو بالمجلس أو الهيئة المختصة بحسب الأحوال، أو من مسئولي أو موظفي أو عمال بعثات الحفائر، أو من المقاولين المتعاقدين مع المجلس أو من عمالهم.

كما نصت المادة (٤٢ مكرراً)، على أنه يعاقب بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تزيد على مليوني جنيه كل من سرق أثرا أو جزءا من أثر مملوك للدولة. وتكون العقوبة السجن لمدة لا تجاوز سبع سنوات والغرامة المنصوص عليها في الفقرة الأولى لكل من أخفى الأثر أو جزءا منه إذا كان متحصلا من أي جريمة. ويحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأثر والأجهزة والأدوات والآلات والسيارات المستخدمة فيها لصالح المجلس.

حصانة دبلوماسية

ومن الناحية الأمنية، يقول اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، والخبير الأمني، إن التنقيب عن الآثار وأحلام وأوهام الثراء السريع بلا أي مجهود ظاهرة اجتماعية مصرية خطيرة، وهي للأسف ظاهرة مرتبطة بما تركته الحضارة الفرعونية العظيمة المدفونة في أرض مصر، حيث يدخل فيها النصابون وبائعو الوهم للاستيلاء علي أموال البسطاء والطماعين، وكلما ساءت الأحوال الاقتصادية نشطت حيل النصابين لبيع الوهم وحلم الثراء للعامة، وكل هذه النشاطات تجري بعيدا عن أعين الشرطة، ولا ندري عنها إلا من خلال متابعه نشاط المسجلين الأشقياء أو من خلال انهيارات أعمال الحفر ومصرع القائمين على الحفر وإبلاغ ذويهم أو لانهيار المنازل القديمة على أصحابها نتيجة عمليات الحفر، أو من خلال المعلومات من المصادر السرية الموثوق (المرشدين) وفي الآونة الأخيرة تم ضبط العديد من التشكيلات العصابية للنصب علي المواطنين عن طريق أجهزة يزعمون أنها تشير إلى أماكن الكنوز الفرعونية المدفونة.. ويتراوح أسعار استخدام هذه الأجهزة بين ٢٥ ألف و١٠٠ ألف جنيه حسب درجة سذاجة وثراء الضحايا، ولقد جرمت القوانين جريمة التنقيب عن الآثار  وغلظت العقوبه عليها خاصة إذا نتج عنها إصابات خطيرة أو وفيات .. كما جرمت القوانين حيازة الآثار الفرعونية والقبطية والإسلامية لكافة العصور، وألزمت المواطنين بتسليم ما لديهم من آثار سواء حصلوا عليها من الحفر والتنقيب أو من خلال الاتجار بها وإلا تعرضوا لعقوبات تصل للحبس لمدد طويلة، وللحد من هذه الظاهر يلزم قيام أجهزة الإعلام بتوعية المواطنين بالقوانين التي تحظر القيام بهذه الأعمال وبالعقوبات المغلظة لانتهاكها، وبالطبع تجارة الآثار تلقى رواجا لدى الأجانب المولعين بالحضارة الفرعونية، وما تلاها من عصور، ويدفعون مبالغ طائلة للحصول عليها، وقد تقف بعض السفارات وراء تهريب كميات كبيرة من الآثار من خلال الحصانة الدبلوماسية. وعند رصد هذه الأنشطة يتم التنسيق بين وزارتي الداخلية والخارجية لعدم حدوث مشاكل سياسية نتيجة هذه القضايا، والداخلية ورجالها يمارسون عملهم بدأب ونشاط، ويمكن تدعيم هذه الجهود بإمدادها بالمزيد من الدعم اللوجستي والأجهزة الحديثة لكشف غموض تلك الحوادث وتوعية المواطنين بخطورتها.

كما شهدت مدينة جهينة بمحافظة سوهاج فاجعة مؤلمة حين حفر 4 أشخاص قبورهم بأيديهم بينما كانوا ينقبون عن الآثار. وأنهى الأربعة حياتهم بعدما عملوا حفرة عميقة للتنقيب عن الآثار في منطقة مشروع غرب طهطا بحافظة سوهاج في صعيد مصر، قبل أن تنهار التربة فوق رؤوسهم. وأسفر الحادث عن مصرع 4 أشخاص بعد سقوطهم في حفرة عمقها 15 مترًا وقطرها متران، فضلًا عن إصابة 5 آخرين بإصابات متفرقة وحالات اختناق، قبل نقلهم بسيارات الإسعاف إلى المستشفى.

عبدالرحيم ريحان

ومن جانب آخر، قادت عصابة تنقيب عن الآثار لكشف أثري فرعوني، وجاء من بين الضحايا رجل الأعمال كمال المرسي، وهو مرشح سابق لانتخابات مجلس النواب، بعدما تدخل بمعداته لمعاونة عناصر الحماية المدنية والأمن في انتشال الضحايا من الحفرة، وذكر بيان أمني أن قيادات مديرية أمن سوهاج انتقلت إلى موقع الحادث، وتبين قيام 5 أشخاص، بينهم دجال، بالحفر والتنقيب عن الآثار في منطقة رملية، وقيامهم بعمل حفرة عميقة قبل أن تنهار عليهم نواتج الحفر. وأودى ذلك الهوس بحياة 4 أشخاص، بسبب سقوطهم في حفرة بعمق 15 مترًا، إلى جانب إصابة 5 آخرين.

شواهد أثرية

بعض خبراء التنقيب عن الآثار ليسوا من الدارسين، ومع ذلك يعملون مع البعثات الأثرية نظراً لخبراتهم الكبيرة النابعة من الممارسة، في هذا الإطار التقينا محمد شتا، أحد خبراء البحث عن الآثار، حيث يقول إن هذا علم كبير جدا ومتفرع، لأن التاريخ المصري يضم الكثير من الفترات المتلاحقة بين البداية والازدهار ثم الاضمحلال لفترات، وعودة ازدهار، ثم الوصول إلي قمة الحضارة وجمالها ثم اضمحلال ثم إلى الفترات المتأخرة ثم انتهاء الحقبة الفرعونية وبداية العصر البطلمي، وهكذا، وبالتالي فإنه بعيدا عن الدجل والشعوذة فإننا أمام تاريخ طويل يحتاج لدراسة، لكن من يعملون في مجال التنقيب غير المشروع بعضهم دارسون بالفعل وهؤلاء يطلقون عليهم اسم الخبراء، فالخبير هو الشخص الذي يتم اللجوء إليه لتحديد مكان المقبرة وفتحها وتحديد حقبتها التاريخية، وهناك “الشيوخ الروحانيون” وهناك أيضا الدجالون وهؤلاء ليسوا دارسين وإنما يعتمدون على السحر السفلي ويظفون “الجن” في معرفة أماكن المقابر وتحديدها، وأول شيء عند البحث عن المقابر هو تحديد موقع العمل، ويكون في الأماكن التي يُشاع تواجد الفراعنة فيها، وهناك مناطق قديمة عاش بها الفراعنة في معظم المحافظات والمدن والقرى مثل عين شمس والمطرية والمسلة بالقاهرة، وصان الحجر وفاقوس بالشرقية، وتل بوتو بكفر الشيخ وتل العمارنة بالمنيا والبلينا بسوهاج والأقصر وأسوان، ويبدأ العمل بوجود أصحاب الخبرة من الجيولوجيين باختبار الأرض وفحصها بعد إزالة حوالي مترين من طبقة الأرض، ثم يبدأ ظهور الشواهد المختلفة من الشقف الفخاري بأشكال مختلفة كالشقف العادي أو الملون، وقد توجد أدوات فخارية كانت تستخدم في الطعام وتم تركها في نفس موقع الدفن كقربان أو تميمة للحفاظ على سر المكان.

خبايا الدفن

ويضيف “شتا” أن القائمين على إنشاء المقبرة كانوا يستخدمون الخامات المتاحة في محيط المكان الذي يتم إنشاء المقبرة فيه، وهذا يعود إلي مكانة الشخص نفسه ومكانته في الدولة من أول الملك ثم الأمراء وأسرهم والنبلاء وقادة الجيش والكهنة وما كانوا يملكون من الأموال، لأن المقبرة لها المكانة الأولى في حياة المصري القديم، وتعتبر ممر يعبر به إلى الحياة التالية، وكان يتم تجهيزها بكل ما يحب من الحياة ويريد أن تكون معه في الحياة الأبدية، لذلك نرى البذخ في المقابر الفرعونية، بينما الحياة العادية كانت بسيطة جدا ولا توجد إلا القليل منها، وهي عبارة عن أبنية من الطوب الأخضر أو الطوب اللبني، ونعود للشواهد مرة أخرى فقد يتواجد في مقابر كثيرة الفحم النباتي من أشجار أو بعض المحاصيل الزراعية بعد حرقها أو جمع نوات البلح وحرقها كعامل مساعد للحفاظ على المقبرة لمنع تسرب أي غازات إليها، أو استخدام الحجر الجيري بدل الفحم ثم عمل بعض الطبقات أو العجنات التي تستخدم فيها الخامات المتاحة في محيط المكان.

وكان الفراعنة يقومون بتحديد المواقع كالآتي: في البداية كانت المقابر على هيئة خبيئة في الجبال ثم تطورت إلى عمل مصاطب ثم إلى أهرامات ثم إلى مبانِ أو نحت بالجبال وهذا للملوك كما هو موجود في وادي الملوك والملكات في البر الغربي بالأقصر وجبال كلابشة بأسوان وتل العمارنة بالمنيا، أما المباني فكان يتم تحديد موقعها حين يفيض نهر النيل والابتعاد عن المياه، حتى لا تفسد وتدمر المقبرة، وكانوا بارعين في إنشاء المباني، وكل مقبرة كانت تُبنى على فكرة من المهندسين لإخفاء المقبرة عن أي شخص، وكان يتم استقطاب أفضل المهندسين والبنائين والنحاتين والرسامين للعمل في المقبرة خاصة إذا كانت لأحد الملوك والملكات والأمراء أو قادة الجيوش، ويتم إنشاء مداخل وسراديب وممرات وآبار دفن كثيرة حتى لا يستطيع أحد الوصول إلي المقبرة بسهولة مع عمل مهالك هندسية من الحجارة أو الرمال أو استخدام المهالك المائية والتي تجبر أي شخص للتوقف عن التنقيب، وبذلك يتم الحفاظ على سر المقبرة. وكان يتم استخدام كل الخامات المتاحة في الإنشاء من الحجارة بعد تقطيعها أو استخدام الأخشاب في بعض المقابر، وكانوا يقوموا بتزيين المقابر إما بالنحت الغائر أو النحت البارز أو استخدام الألوان، وكانوا بارعين في صنع الألوان والتي لا تزال ببريقها حتى الآن.

خرافة الأجهزة

ويذكر “شتا” أنه في الوقت الحاضر يتم استخدام بعض الأجهزة الكشفية الحديثة، والتي تعتمد على المسح الضوئي لوجود فراغ تحت سطح الأرض، وهذا يستلزم احترافية كبيرة وتدريب على إرسال موجات إلى الأرض واستقبالها لتحديد المواقع المدفونة، لكن ظهر في الفترة الأخيرة بعض الأشخاص يقومون بالنصب على الناس بأجهزة وهي عبارة عن جهاز به برنامج محفوظ في الذاكرة، ويوهمون الناس بأنها موقع أثري ويظهرون لهم على الشاشة أشكالاً بيانية مختلفة لوجود الفراغ والذهب والأحجار، كما ظهرت فكرة جديدة منذ سنوات وهي التصوير بالقمر الصناعي، وكل هذا نصب ولم يحدث من قبل ولا حتى في المستقبل، كما أنه لا يوجد ما يسمى بالشيوخ الروحانيين فهذا كله دجل وحرام شرعاً لأنهم يعتمدون على الجن والكذب على البسطاء، ولن يستطيع أحد من قبل الوصول إلي شىء إلا بالعلم، وهذا ما حدث عندما جاء الفرنسيون والإنجليز إلى مصر وكثير من علماء أوروبا وأخرجوا مئات المقابر المنتشرة في كل دول العالم الآن. أما بالنسبة لما يسمى بهدية المكان فهذا كله كذب وشغل دجالين وهم دائما يقومون بوضعها بالأماكن بطريقة أو أخرى على غفلة من الناس لأن الأساس هو إخفاء موقع المقبرة ولا يوجد أسهم ولا إشارات لتسهيل معرفة مكان المقبرة.

وكان الفراعنة يقومون بتحديد المواقع كالآتي: في البداية كانت المقابر على هيئة خبيئة في الجبال ثم تطورت إلى عمل مصاطب ثم إلى أهرامات ثم إلى مبانِ أو نحت بالجبال وهذا للملوك كما هو موجود في وادي الملوك والملكات في البر الغربي بالأقصر وجبال كلابشة بأسوان وتل العمارنة بالمنيا، أما المباني فكان يتم تحديد موقعها حين يفيض نهر النيل والابتعاد عن المياه، حتى لا تفسد وتدمر المقبرة، وكانوا بارعين في إنشاء المباني، وكل مقبرة كانت تُبنى على فكرة من المهندسين لإخفاء المقبرة عن أي شخص، وكان يتم استقطاب أفضل المهندسين والبنائين والنحاتين والرسامين للعمل في المقبرة خاصة إذا كانت لأحد الملوك والملكات والأمراء أو قادة الجيوش، ويتم إنشاء مداخل وسراديب وممرات وآبار دفن كثيرة حتى لا يستطيع أحد الوصول إلي المقبرة بسهولة مع عمل مهالك هندسية من الحجارة أو الرمال أو استخدام المهالك المائية والتي تجبر أي شخص للتوقف عن التنقيب، وبذلك يتم الحفاظ على سر المقبرة. وكان يتم استخدام كل الخامات المتاحة في الإنشاء من الحجارة بعد تقطيعها أو استخدام الأخشاب في بعض المقابر، وكانوا يقوموا بتزيين المقابر إما بالنحت الغائر أو النحت البارز أو استخدام الألوان، وكانوا بارعين في صنع الألوان والتي لا تزال ببريقها حتى الآن.

الزئبق الأحمر

ويؤكد “شتا” أن الزئبق الأحمر خرافة كبيرة جدا، ولا توجد جدارية أو بردية أو مخطوطة تدل على هذا الشيء، وإنما هو من صنع الخيال والنصب على الناس بوجود مادة الزئبق الأحمر أو الأسود في المومياء الفرعونية، أو أنها تم تصنيعها بواسطة الكهنة وبمساعدة الجان الخاص بحراسة المقبرة، وكل هذا عبث وحكايات أسطورية لم يرها أحد، ومن الكذب أيضا أن الملوك والرؤساء والأثرياء كانوا يشترونها بأموال باهظة، وهذا جعل الناس في الثلاثين عاما الماضية يبحثون عنه بشغف والبحث عن الأشخاص الذين يدعون أنهم يملكون  الأشياء التي تحتوي على الزئبق مثل “البلحة” أو “المصران” أو “الحلابة”، والكثير من الناس خسروا أموالا طائلة بسبب هذا الموضوع ودخل في الموضوع الأفارقة والمغاربة وهم يعملون بالسحر واستطاعوا كسب أموال طائلة من بعض المصريين.