مدير عام متحف التحرير: إغلاق المتحف شائعة .. وأخرجنا كنوزاً لعرضها لأول مرة من البدروم!

حوار: حبيبة إيهاب

تصوير: عبدالرحمن حسني

على مدار 121 عاماً، واصل المتحف المصري بالتحرير دوره ورسالته للترويج للحضارة المصرية ونشر علومها وفنونها، حيث يعد واحداً من أقدم وأشهر متاحف العالم بلا منازع، فضلاً عما يضمه من قطع أثرية نادرة تصل إلى نحو 180 ألف قطعة تحكي تاريخ 7 آلاف عام من الإشعاع والنور.. إلا أنه بعد اقتراب افتتاح المتحف الكبير فقد ترددت الشائعات حول إغلاقه خاصة بعد نقل مقتنيات الملك توت عنخ آمون منه.. وهو ما نفاه تماماً الأستاذ الدكتور على عبدالحليم، الأستاذ بكلية الآثار جامعة عين شمس، ومدير عام المتحف، حيث التقيناه بمكتبه بمتحف التحرير في حوار شامل حول مستقبل المتحف ومشروعات التطوير القائمة به ومصير القاعات الفارغة بعد نقل الكثير من القطع الأثرية إلى المتحف الكبير.. وإليكم تفاصيل الحوار:

هل ستختلف رسالة المتحف المصري بعد افتتاح وتشغيل المتحف الكبير؟

الرسالة لن تتغير أبداً، فمتحف التحرير هو الأصل، وهو المتحف الذي خرجت من عباءته مجموعة كبيرة من المتاحف، ومن بينها المتحف الكبير نفسه، والمتحف الكبير مشروع قومي عملاق، وهذه المتاحف جميعها تتكامل مع بعضها بعضاً لإبراز روح الحضارة المصرية، وأذكر أن هناك متاحف كثيرة تعاقبت على متحف التحرير ومع ذلك لم يؤثر ذلك على رسالة المتحف أو على دوره، مثل متحف الفن القبطي، ثم متحف النوبة، ثم متحف الحضارة، وأخيرا المتحف الكبير، وكل هذه المتاحف خرجت من عباءة متحف التحرير الذي يجسد الحضارة المصرية على مدار 5 آلاف سنة من عصور ما قبل التاريخ حتى القرن الأول الميلادي، ويقوم المتحف أيضا بدوره الثقافي والمعماري والفني، فهو يضم طرازا معماريا فريدا من نوعه، ويعد أول مبنى خرساني من نوعه في قارة أفريقيا، والعالم كله مهتم بالتواصل معنا وعقد أنشطة وبروتوكولات مشتركة، كما أن المتحف يقوم بدوره في التواصل المجتمعي والتعليمي من خلال رسالته التعليمية التي تشمل الدولة القديمة والوسطى والحديثة، فضلا عن دور جمعية أصدقاء المتحف والتي تقوم بدورها في خدمة طلاب الجامعة الدارسين للآثار والتاريخ، وبالتالي فإن رسالة المتحف مستمرة في خدمة المجتمع.   

‏ما أبرز المقتنيات التي تم نقلها من متحف التحرير إلى المتحف الكبير أو متحف الحضارة؟

أبرز ما تم نقله من متحف التحرير هو المومياوات الملكية، وهو ما رأيناه في الموكب الملكي لمتحف الحضارة بالفسطاط، والحقيقة أن هذه المومياوات كانت أهم مقتنيات المتحف، ومع ذلك لايزال المتحف يضم مومياوات ملكية أخرى ومومياوات لأشخاص عاديين كما يضم أيضا حيوانات محنطة، ويتم حاليا عرضها بشكل مناسب بحيث تعوض المومياوات التي تم نقلها لمحف الفسطاط، أما الجزء الثاني فهو المجموعة الكاملة لمقتنيات الملك توت عنخ آمون، حيث سيتم عرضها بشكل أوسع وأفضل بفضل الإمكانيات الكبيرة التي يتيحها المتحف الكبير، ومع ذلك سيحتفظ متحف التحرير بمومياء جد الملك توت وجدته وهما “يويا و تويا”، حيث تم تخصيص موقع جميل لهما بالدور الثاني بالمتحف، وتم عرضهما بشكل يعوض غياب الملك توت، أيضا سيتم عرض مقتنيات ذهبية بعضها جاء من منطقة تانيس بالشرقية، وبالتالي ستعوض الأجزاء الذهبية الخاصة بالملك توت، كما أن لدينا قناع ذهبي يخص الملك “بسوسنس الأول” من عصر الانتقال الثالث – الأسرة ٢١ وهو شبيه لقناع الملك الذهبي، وسيتم عرضه بنفس الطريقة وفي نفس قاعة الملك توت، فضلاً عن مقتنيات كثيرة يضمها المخزن ولم يتم عرضها من قبل.   

كيف رأيت الصور التي نشرها المتحف حول طريقة عرض الآثار بمتحف بولاق القديم قبل نقله لمتحف التحرير؟ ولماذا تقومون بإعادة نشر بعض الصور القديمة والأرشيفية لبعض القطع والأحداث السابقة بالمتحف مثل صورة تمثال الملف خوفو؟

نحن نقوم بنشر هذه الصورة للترويج لتاريخ المتحف، وكيف كان قبل افتتاحه عام 1902، حيث كان هناك متحف صغير يحمل اسم متحف بولاق وكان يوجد في منطقة رملة بولاق، وعندما غمرت مياه الفيضان أرض المتحف في إحدى السنوات فقد تم نقل مقتنيات المتحف إلى القلعة ثم قصر إسماعيل بالجيزة، ثم فكر الخديو إسماعيل في إنشاء هذا المتحف، وكان التحرير يسمى ميدان الإسماعيلية، وبالتالي فالصور الأرشيفية تحكي تاريخ المتحف.    

لماذا لم يتم نقل القناع الذهبي للملك توت عنخ آمون حتى الآن؟ وهل ستكون هناك إجراءات خاصة لعملية النقل؟

نعم سيتم نقل القناع في موكب مميز جدا، وذلك بعد افتتاح المتحف الكبير، وسيكون هذا الموكب على درجة عالية من الإبهار الذي يليق بتاريخ الحضارة المصرية.  

حدثنا عن دلالات النقش الفريد الذي عرضه متحف التحرير في فبراير الماضي والذي يجسد قصة حب إختاتون ونفرتيتي؟ ما دلالات هذا النقش؟ وهل يحتفظ المتحف بأي قطع أثرية تخص مدينة التوحيد التي أسسها إخناتون بتل العمارنة بالمنيا؟

إخناتون ونفرتيتي قصة حب مميزة جدا، وقد كافح الزوجان من أجل نشر رسالة التوحيد في مصر القديمة، والحقيقة أن المتحف يعرض كل شهر قطعة أو لوحة مميزة، وفي شهر فبراير الماضي، قررنا أن نحتفل بعيد الحب بشكل مناسب، فاخترنا لوحة إخناتون وهو جالس مع نفرتيتي وبناته منها، في لوحة تجسد معنى الوفاء والحب والتماسك الأسري.   

ما الأهمية التاريخية والأثرية لمقبرة الكاهن والفيلسوف بيتوزيريس في تونة الجبل.. والذي ألفت عنه أحد كتبك؟

هذه المقبرة تم اكتشافها عام ١٩١٩، وهي موجودة في منطقة تونا الجبل بالمنيا، وهي مقبرة فريدة من نوعها لأنها تجمع بين الفنين المصري واليوناني، وتضم المقبرة تابوتا من خشب الأبانوس المطعم بالعلامات الهيروغليفية وقطع من الزجاج، وتم تصميم وزخرفة التابوت بتكنيك مميز جدا وغير متكرر في أي مكان في العالم.

أرشيف برديات الملك خوفو بمتحف التحرير .. ماذا يضم .. كم عدد هذه البرديات وما أهمية محتواها؟

هي مجموعة برديات أطلقنا عليها برديات وادي الجرف نسبة للمنطقة التي عثرنا فيها على هذه البرديات، وتتحدث هذه المجموعة عن فترة الملك خوفو، وتتحدث عن الأوضاع الإدارية في هذه الحقبة، كما أنها تكشف عن بعض جوانب بناء الهرم الأكبر، وتعتبر بردية وادي الجرف هي أقدم بردية بالخط الهيروغليفي تم العثور عليها حتى الآن. 

عملت مع البعثة البلجيكية بمنطقة الواحات البحرية؟ ما الذي يميز هذه المنطقة من الناحية الأثرية ولماذا لم تحظى بالدراسة الكافية وهل تم مناطق أثرية ومعابد غير مكتشفة؟

اشتغلنا في منطقتين هما قرية الطوب وقصر علام، وقرية الطوب عبارة عن جبانة، وقصر علام عبارة عن قلعة متميزة، ومبنية من الطوب اللبن، وهي قلعة مؤمنة جدا، وفي أثناء قيامنا بترميم القلعة عثرنا على مومياء أو بقايا جنين توفي قبل ولادته، حيث كانوا يقومون بدفنه كنوع من الحماية والقداسة للمكان، والحقيقة أن هذه المنطقة لم تحظى بالدراسة الكافية من قبل، ولهذا التفتنا لأهميتها في السنوات الأخيرة، وهناك بعثات ودراسات تعمل في منطقة الواحات.   

كم قطعة أثرية يضمها متحف التحرير الآن؟

المتحف يضم ١٨٠ ألف قطعة، تنقسم لـ ٣ أجزاء، فهناك مقتنيات يتم عرضها بشكل دائم، وهناك قطع يتم عرضها بشكل مؤقت، وجزء ثالث اسمه البدروم أو المخزن، وهناك أيضا معارض مؤقتة، وهناك قطع سيتم عرضها لأول مرة بعد الانتهاء من نقل بقية المقتنيات للمتحف الكبير، أيضا نقلنا بعض القطع لمتحف شرم والغردقة، وبالتالي فإن ما يتم نقله من المتحف يتم تعويضه بقطع مخزنة بالبدروم.   

ما جوانب التطوير التي يخضع لها المتحف الآن؟ وهل هناك مشروعات قائمة الآن؟

هناك مشروع للتطوير يتم حاليا بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، وهناك مشروعات أخرى صغيرة للتطوير، فضلا عن أن المتحف لايزال يستقبل قطعا أثرية جديدة من المناطق المكتشفة، حيث استلمنا قطعا جديدة من منطقة وادي السبوع بالنوبة، أيضا هناك مشروع للترميم، وهناك مشروعات أخرى خاصة بالواقع الافتراضي، والحقيقة أن هذا المشروع نراهن عليه حاليا حيث سنقوم بعرض الآثار بطريقة حديثة من خلال التكنولوجيا.  

أثيرت شائعات حول غلق المتحف المصري بالتحرير في الآونة الأخيرة.. كيف ترد على هذه الشائعات؟

شائعات لا أساس لها من الصحة، حيث أكدت رئاسة مجلس الوزراء أنه لن يتم إغلاق المتحف، وإنما سيواصل رسالته ودوره في المستقبل، والذي يؤكد ذلك أن الدولة بنفسها تقوم بتطوير المتخف والإنفاق عليه، كما أن هناك مشروعات مستمرة للحفاظ على رسالة المتحف الذي يعد واحدا من أقدم وأهم متاحف العالم.