د. وسيم السيسي: حضارتنا هي الأقدم وجينات توت عنخ آمون تسكن بداخلنا

حوار: تقى أحمد

شهدت جلسة “الهوية الوطنية” بالحوار الوطني مؤخراً، مداخلة مهمة للدكتور وسيم السيسي، عالم المصريات الكبير، حيث كشف فيها النقاب عما تتعرض له الحضارة المصرية من هجمات مضادة في الآونة الأخيرة، مؤكدا أن مصر علًمت العالم الفكر والفلسفة والقانون والأخلاق، وأن مزاعم حركة الأفروسنتريك تحتاج مزيداً من الوعي من أبناء وادي النيل للدفاع عن هذه الحضارة المصرية التي تركها أجدادنا.. في السطور التالية تحدثنا إليه حول أبعاد المؤامرة على حضارة المصريين، فكان هذا الحوار:

تتعرض الحضارة المصرية لهجمات مضادة عديدة أبرزها ما ذكره البعض حول إنها ليست الأقدم والأعرق في التاريخ.. كيف ترد على ذلك؟

الحضارة تبدأ بالتدوين. والتدوين بدأ في سنة 5619 قبل الميلاد، وفقا للمؤرخ المصري السمنودي، مع العلم أن المتحف البريطاني يقول إن التدوين في مصر بدأ عام 3100 قبل الميلاد، لكن هذا غير صحيح. والذي أثبت أنه غير صحيح عالم المصريات الفرنسي “هيندوريب بودشان”، والذي ذكر أن الأسرة الأولى تتكون من 9 ملوك منهم ملكة اسمها “نيت” وأنها لم تكن تتكون من 3 ملوك فقط مثلما قال المتحف البريطاني، إذن عمر الحضارة المدونة المكتوبة (5619 + 2023) يعني حوالي 7000 سنة، أو اكثر، فهي بذلك أقدم حضارة على سطح الكرة الأرضية.  

ما طبيعة المخططات الخطيرة التي تستهدف الحضارة المصرية والتي تحدثت عنها في جلسة الحوار الوطني مؤخرًا؟

أخطر مخطط هو الأفروسنتريك، وهم جماعة من وسط أفريقيا، حيث يعيشون في أمريكا الشمالية، وهم مخالب للصهيونية العالمية، وهذا مخطط بعيد المدى على أساس أنه يستهدف تحقيق ما يصبو إليه خلال 50 أو 60 سنة، فهم يريدون أن يخدعوا العالم بأنهم أنشاوا الحضارة المصرية، وأننا أحفاد الغزاة، فهذا مخطط خطير للغاية. ولكن لحسن الحظ، علماء المصريات في العالم كله يهاجمون هذه الحركة ويؤكدون أنهم كذابون، وان كليوبترا التي أظهروها ذات بشرة سمراء نسبة إلى أفريقيا، ما هي إلا سيدة مقدونية يونانية، فهذا أخطر مخطط يعادي مصر. ويجب أن نلتفت إليه ونحاربه. و من حقنا أن نقاضي شركة نيتفليكس التي أنتجت الفيلم. وأكبر دليل يرد أيضا على هولاء المدعين هو البحث الذي أجراه معهد “ماكس بلانك”، وهو من المعاهد الكبيرة في ألمانيا. ويكفي أن رئيس هذا المعهد العلمي “سفنتي بابو” هو هذا الرجل الحاصل علي جائزة نوبل سنه 2022 وهو من العلماء الذين قاموا بعمل دراسات على المومياوات المكتشفة في قرية “أبو صير الملق” ببني سويف، حيث أخذوا مومياوات من سنة 1300 قبل الميلاد حتى 600 بعد الميلاد. حيث امتدت دراستهم لتغطي 1600 سنة. وتوصلوا إلي حاجتين من أخطر ما يمكن وهما أن المصريين الحاليين هم أحفاد الأجداد. فهؤلاء الأجداد هم أجدادنا المصريين. وتتطابق نتائج هذا البحث مع النتائج التي توصل إليها الدكتور خالد طه حيث أثبت أن 88.6‎%‎ من جينات توت عنخ آمون موجودة فينا جميعا كمصريين. وهذه الأبحاث ممتدة حتى 600 ميلاديًا. ومعنى هذا أن الأسرات الثلاثين والتي انتهت سنة 300 قبل الميلاد بمجىء الإسكندر الأكبر حتى 600 ميلاديًا، لا توجد جينات أفريقية أو سوداء، حيث ظهرت على حياء شديد بعد 600 ميلاديًا. والسبب في هذا هو تجارة العبيد، والتجارة البينية ما بين أفريقيا ومصر، وإنما لغاية 600 ميلاديًا لا وجود للجين الأفريقي. وهذا أبلغ رد على ادعاءات هذه الحركة الباطلة.  

ما تعليقك على ادعاءات الممثل الأمريكي كيفين هارت حول أن المصريين ليسوا بناة الأهرامات وأن مصر ليست أم الدنيا؟

الذي يرد عليه هو بحث أجراه ثلاثة علماء. وقد أثبتوا أن الجنس البشري بدأ من مصر، وليس من إثيوبيا، وإنه انتقل عبر سيناء، ومن سيناء إلى آسيا، ومن آسيا إلى أوروبا. وأثبتوا أن الجين المصري موجود في الآسيويين والأوروبيين عبر 55000 سنة مضت.  

ما دور الحركة الصهونية في نشر هذه المزاعم ضد الحضارة المصرية؟

كاتب يهودي ذكر في كتابه “موسى والتوحيد” أن عقدة اليهود الأزلية هي الحضارات المصرية القديمة. وهم قاموا بتشويه تاريخنا، مع أنهم تعلموا أساسيات الحضارة من عندنا مثل البنية التحتية والزراعة والصناعة، كما قاموا بسرقة أناشيد مصرية خصوصا أناشيد إخناتون. ولكن هناك حقائق لم يستطيعوا الاقتراب منها أو تشويهها مثل بناء الأهرامات، وأذكر أن “مناحم بيجن” في احتفالية السلام، عندما جاء مصر، وقابل العلماء المصريين وقال نصا أن المصريين هم بناة الأهرامات.

الحضارة الغربية لم تسرق منا آثارا وتماثيل فقط وإنما سرقوا العلوم والدين والفلسفة .. ما تعليقك؟

هذا صحيح، ويكفي تعليم أفلاطون الفلسفة، وقد قال في كتابه “القوانين” وما من علم لدينا إلا وأخذناه من مصر، وقام باعتناق الديانة الآمونية حتى يستطيع دخول المعابد، لأنه كان يوجد فيها المكتبات، وقد تعلم القانون علي يد المصريين وعاد بالقانون إلى بلده، ولعل من أبسط الأشياء التي سرقوها هي البرديات وكانت تضم علوماً ومعارف عديدة، أيضا قاموا بسرقة قيم أخلاقية وحكم وفلسفة وقوانين وأنظمة إدارية. وأذكر أن عمدة برلين الحالية قالت كيف كان شكل العالم لو لم تكن الحضارة المصرية التي علمت الإنسانية القانون والأخلاق.

ذكرت أن المؤامرة على الحضارة المصرية بدأت عام ١٩٠٧.. ما سر هذا التاريخ تحديداً؟

سر هذا التاريخ أن سير هنري كامبل بنرمان رئيس وزراء إنجلترا، وهو زعيم ورئيس الوكالة اليهودية في العالم كله، دعا عام ١٩٠٧ وفود سبع دول أوروبية وقال لهم أن هناك منطقة غنية جداً، وثرية جداً، يحكمها جهلاء ويسكنها جهلاء أيضا، ولكن ثرواتها لا تنتهي، هذه المنطقة يجب أن ننشيء فيها كياناً استعماريا لكي لا نعطيهم الفرصة للاستقرار والتقدم، وكان يقصد المنطقة العربية، ومصر في القلب منها، حيث تحتضن المنطقة قناة السويس شمالاً وباب المندب جنوباً ومضيق هرمز شرقا ومضيق جبل طارق غربا.