لماذا ترك المصريون القدماء "القلب" في جسد المتوفي بعد التحنيط؟

تقرير: حبيبة إيهاب

أُطلق على القلب في النصوص المصرية القديمة اسمين الأول “حاتي” والمقصود به عضلة القلب، والثاني هو “إيب” وهو مركز المشاعر كالحب، والكره، والفرح، والخوف، ونية الإنسان بما يحمله من خير أو شر. وكان للقلب قدسية خاصة في مصر القديمة لدرجة أنهم لم ينزعوه من موضعه أثناء التحنيط, بل تركوه في مكانه، في حين كانوا يزيلون بقية الأعضاء الداخلية بالجسم.

كان للقلب كما تقول الباحثة الأثرية د. مى العنانى أهمية كبيرة عند المصري القديم. فأثناء عملية التحنيط، كانت تُزال كل الأعضاء الداخلية لجسم الإنسان ماعدا القلب، وذلك لأهميته أثناء محاكمة المتوفى في العالم الآخر، حيث كان يتم وزن قلب الإنسان أمام ريشة العدالة رمز للمعبودة “ماعت” معبودة العدالة في مصر القديمة، لأن الإنسان يُحاسب على ما يحمله في قلبه، فإذا ثَبُت تبرأ قلبه من الذنوب يدخل الجنة، والتي سماها المصري القديم حقول “الإيارو”، أما إذا ثبت عكس ذلك، فكان يلتهم قلبه حيوان أطلق عليه المصري القديم اسم “عمعم”.

وفي عصر الدولة القديمة كان المتوفى يرتدي قلادة تحمل قلبين. وكان جعران القلب من أهم التمائم المصرية القديمة، والذي كان يوضع داخل لفائف المومياء أثناء عملية التحنيط، وينقش عليها عبارات تحث القلب على الوقوف بجانب المتوفى وعدم الشهادة ضده.

وتؤكد د. مي العناني أن المصري القديم استطاع أن يفرق بين القلب كعضو في جسم الإنسان، وبين القلب الذي هو مركز المشاعر والإحساس، حيث أُطلق على الأول اسم حاتي، والثاني اسم إيب.

وكان القلب أهم من العقل، وكان هذا هو السبب الذي جعل قدماء المصريين يحتفظون بالقلب في أثناء عملية التحنيط، لكنهم يلقون بالمخ بعيدًا، فهو لا يملك أي أهمية مجازية تُذكر في عالم ما بعد الحياة. وفي عالم وظيفي تمامًا مثل الميثولوجيا المصرية القديمة، فلا مكان إلا لما يستفيد منه الميّت في حياته الأخرى.